أن نتجذر في العصر ذلك ما يأمرنا به واقعنا العسير. وأننا ما لم نستجب لهذا الأمر فنتشبع بروح الحاضر لمشلولون سياسيا وحضاريا عجز أمام التحديات القاتلة – وليس مآلنا أن نكون مطمعا للاستعمار الجديد يفترسنا بضراوته التكنولوجية أو متحفا اثنولوجيا لإمتاع متذوقي العتيق أو لوحة فلكلورية لتسلية السواح. فلا بد أن نعدل حياتنا على ساعة العصر حتى نخرج من سلبية المفعول بهء تاريخياء إلى إيجابية الفاعل ونثبت حضورنا دوليا وعلى حد السواء في مراكز النفوذ ومواطن الخلق، خلق الأشياء والقيم والعلوم والفنون. فهو شرط وجودنا الأكمل في هذا العالم الذي نحن منه ولا نملك اليوم أن نؤثر في سيره بملء وزننا. فلنخترع أنفسنا من جديد، وإنه إن اقتضى ذلك منا أن نخلع عنا الرجل القديم فلا يقتضي أن ننسلخ من هوّيتنا لنغترب في الآخرين. فالحداثة أن نستوعب أسباب التقدم في كافة المجالات حتى ننمّي مجتمعاتنا تنمية شاملة ونفجر فيها طاقات الخلق المدفونة تحت ركام الفقر والظلم والعدوان، بحيث نصبح قادرين على المساهمة الناشطة – بطرافة شخصيتنا – في صياغة مصير العالم. هذا الاهتمام الملح هو الذي أملى على دار الجنوب للنشر أن تقدم بفتوتها على إصدار سلسلة خاصة تعنى بنصوص أدبنا الحديث وتحمل اسم "عيون المعاصرة" بكل ما في "العيون" من الإيحاأت فعلى مدى قرن من الوجودء انطلاقا من أوائل النهضة إلى اليوم – قام الأدب العربي الحديث – نصا بعد نص – صرحا من الكلام نحته الذهن العربي على تعاقب الأجيال من تطلعاتنا وتراجعاتنا وانجازاتنا وخيباتنا وثباتنا وحيرتنا وصوابنا وأخطائنا في مواجهة المصير منذ أن أفقنا بين الأوجاع على عنف التاريخ. وهو أدب يخبرنا عن نفسنا في مسيرتنا المتعرجة خلال الزمن الحديث ومتى عرفنا كيف نحكم معه الحوار استطعنا أن نستمد منه – جدلياء ما به نواصل بأكثر استبصار وجدوى طريقنا نحو مجتمع متقدم وستهتم "عيون المعاصرة" بما اشتهر واستقر من تآليف كبار أدبائنا وبما هو جديد من عطاء الحاضر المتدفق فتقدم لكل نص تنشره بمقدمة من إنشاء خيرة نقادنا – مغربا ومشرقاء تكتشف أبعاده وتوظفه – قوة فعالةء في صراعاتنا الراهنة من أجل وجود أفضل و "عيون المعاصرة " آفاق طليقة لا يحدها حد اذ هي مؤمنة بحرية الخلق والتعبير متفتحة على رياح الفكر العربي أين كان المهب ولا تشترط في الإنتاج الا يكون من صميم الابداع وفي صميم القضايا يثري شخصيتنا ويدفع إلى الأمام. فتلك عقيدتها وهو التزامها الوحيد وستفي محمد المصمودي / توفيق بكار
إيمانا من الدار بثراء الحضارة العربية الإسلامية وبضرورة تحويل الثقافة الشفوية إلى أخرى مكتوبة يمكن للجميع مهما إختلف الزمان والمكان والإستفادة منها والتعرف إلى المعالم الإسلامية العديدة التي تمثل جزء من تاريخنا، في هذا الإطار وقع إنجاز مجموعة من الكتب الفاخرة التي تضّم صورا لمواقع أثرية من مختلف البلدان العربية والإسلامية.
لأن المسرح فرجة أولا وقبل كل شيء، كان ظهور النصّ الدرامي إلى الجمهور في شكل كتاب ضرورة بين العرض الذي يأخذنا إلى عالم الخيال الفنّي مدّة ثم يعود بنا إلى الواقع اليومي والكتاب الذي يرسّخ في أذهاننا ما شاهدناه ويغذّي ذاكرتنا بسحر ما اكتشفت أعيننا تكامل وتواصل يدعمان كيان المسرح كفن قائم الذات له مكانته الخاصّة على الخشبة وله حضوره المتميّز ضمن عالم المقروء. بين العرض والكتاب خيط رابط يميز نوعية العلاقة بين الزائل والباقي : في اقترانهما تتعدّد أشكال اللذّة فتكون في الآن نفسه ترفيهية جماليّة ومعرفيّة. لأن المسرح يمثّل جزءا هاما من إنتاجنا الثقافي ومحورا من محاور مشاغلنا الاجتماعية كانت المساهمة في تدعيم وجوده حتمية. من المفارقة أن نرى اليوم أن هذا الإنتاج الفني الأكثر اكتمالا من الناحية الجمالية لا يمكنه الاستفادة من تراكمات التجارب التي تمت و لا يتمتع إلا بحيز ضيق داخل الذاكرة الجماعية الحيّة، وذلك لا لشئ إلا لأن الخطاب الركحي لم يجد امتدادا على مستوى مجالات أخرى، أهمها مجال الكتاب والنشر. تتبنى "دار الجنوب" سلسلة "المسرح الحي"، لكي تهتم بالنصوص الدرامية التي كان لها وقع عميق داخل الساحة الإبداعية لأنها كتابات ذات خصوصية مسرحية، لأنها نابعة من صلب الممارسة الركحية ولأنها طورت في الآن نفسه العلاقة التي تربط الجمهور بالفن الرابع والمفاهيم التي ينبني عليها الخلق المسرحي الجديد. هذه النصوص قد أسّست لجمالية حديثة مستقاة من احتكاك مؤلفيها اليومي بواقع الإبداع ومن إدراكهم لمتطلباته كمل يمليها عليهم عالمنا المتغير قيمتها الفنية تكمن في قدرتها على حث الجمهور على الإنصات لها، مستعملة في ذالك كل الطرق والأساليب المناسبة دون تحديد مسبقات إيديولوجية أو قوالب نمطية. سلسلة "المسرح الحي" تعمل على أن تبقى النصوص المجدّدة والمتجدّدة حاضرة فينا وعلى أن يجد القارئ في آثارنا المسرحية ما يدعم حضوره ثقافيا وحضاريا.
مثلما يشي بذلك عنوانها، قامت هذه السلسلة على أساس فكرة المواكبة، مواكبة الحداثة في شتّى تجلياتها الفكرّية والثّقافية. فكانت جدّة المنهج وطرافة الطّرح وعمق المقاربة خيارات لا حياد عنها في إنتقاء الدراسات المزمع نشرها والتي إتسمت بتنوع مجالاتها فشملت أغب حقول الحياة الإجتماعية والثقافية من سياسة وتاريخ وسينما وأدب ولسانيات... أمّا الفكر الدّيني خصّ بالنصيب الأوفر من العناية والإهتمام وهو ما أثمر نشر مجموعة من أهّم الأعمال والبحوث في دراسة الفكر الديني والمساهمة الفعّالة في إشاعة " إسلام تنويري" كيف لا ومؤسّس السّلسلة والساهر عليها قطب من أقطاب البحث في الإسلاميات هو الأستاذ الجامعي والباحث "عبد المجيد الشرفي"