تقديم ناجية الوريمي
اختارت نسرين بوزازي أن تضيف لبنة إلى "اللبنات"، أن تبحث في مفهوم مركزيّ في الفكر الإسلامي، ظلّ الغموض يلفّه من كلّ الجوانب لصلته المعقّدة بالدين وبالسياسة، وهو مفهوم "الجبر". ولم يكن من السهل عليها في ظلّ غياب المعاجم التاريخيّة وضعف الدراسات المفهوميّة، أن تثبت حقيقة الدلالات المتعدّدة والمتغايرة لهذا المصطلح. هو تعدّد مفهوميّ طمرته الثقافة الرسميّة في سعيها إلى فرض المفهوم الذي حدّدته وتغييب ما يخالفه، خاصّة أنّه صادر عن الخصوم السياسيّين. وهكذا أصبح للمصطلح دلالة واحدة تُنسب إلى الطرف وخصمه في ذات الآن، وتتمثّل فيما يلي: إنّ أفعال الإنسان وكلّ متعلّقات حياته مقدّرة عليه مسبقا، فلا يملك هامشا من حريّة التّصرّف فيها أو القدرة على تغييرها. ونُسبت هذه الدلالة إلى بني أميّة مؤسّسي "الملك العضوض"، ومنظّري ثقافة "الجبر" التي تخدم غايات سياسيّة تبريريّة؛ ونُسبت أيضا إلى خصمهم اللدود عالم الكلام الجهم بن صفوان ومنظّر الحركة المعارضة التي عمل سياسيّا في إطارها وهي حركة الحارث بن سريج المتمرّدة
".على السياسة الأمويّة والمدافعة عن تصوّر ثقافيّ اجتماعي يجعل من الحريّة والمسؤوليّة عماد السلوك البشريّ