مضيئة في مسار الرواية تدل على ان النبوغ طاقة كامنة في وجدان كل كاتب يرغب في تفجيرها بادوات يبتكرها ويوظفها التوظيف الخلاّق».
لقد صوّر عبد الجبار العش في روايته وقائع المدينة الغريبة احداثا غير معهودة لكنها غير منبتة عن الواقع المعيش فالسارد في هذا العمل الروائي هو احدى شخصيات الرواية وان لغته /لهجته لا تخلو من السخرية المبثوثة في ثنايا الكلمات والتراكيب والصور وذلك للتعبير عن حقيقة العصر والنظر في مختلف قضاياه.
يقول عبد الجبار العش في اخر الرواية ما يلي : هكذا يا سادة كانت نهاية شتل ونويورة ذلك ان ان شتل كانت له بنت تركها في حضن أمها حين أذردوه من بلاده ليلجأ الى مدينة المراحيض صعلوكا هائما على وجهه وما كان يعلم ان لصروف الزمن الا عيب واعاجيب..كبرت ابنته فويورة يتيمة بعد ان ماتت أمها بداء قاتل فجيء بها لتكبر وتخدم في مقام ولي في المدينة التي حل بها شتل مصادفة فكان ان انتشلها يوم فرت من امين مقام الولي الذي حاول اغتصابها فحملها وسكن اليها وحدث ما حدث من قصة حبهما التي كانت الابتسامة اليتيمة على ثغر سكان مدينة المراحيض».
أما الاستاذ محمود طرشونة فقد ذكر ان رواية (وقائع المدينة الغريبة) لبعد الجبار العش هي ومثيلاتها هدية المغرب الى المشرق مهد الحضارات والديانات والذي اهدانا نعمة الاسلام صافيا مشرفا في البداية ولكنه سرعان ما دٌسّت فيه سموم قاتلة كالتطرف والتعصب والطائفية وتعدد الملل والنحل والشعوذة وسخيف الفتاوى وكان لابد للمغرب العربي من اهداء المشرق العربي نٌبذا من العقلانية وترياقا للوقاية من تلك السموم التي تسربت الى العقول فشلّتها والى الارواح فاوهنتها وليس كالابداع ترياقا يزيل ما علق بالاذهان من اوهام وما اصاب الذاكرة والخيال من جمود والنفوس من اطماع في جنة تنال في شرعهم بالمقايضة والباطل من العقائد والزائف من الشرائع.
لقد سبق للشيخ اسماعيل التميمي ان افحم واسكت الفقيه الوهابي في المشرق محمد بن عبد الوهاب في رسالته الشهيرة (في الرد على الظلالة الوهابية) من حيث الفقه والاجتهاد والشرائع وهاهي هذه الرواية تنحى تقريبا نفس المنحى ولكن بأسلوب أبي متميز يشد اليه القارئ بما في العمل الروائي من احداث وسرد وحبكة وما الى ذلك من تقنيات الرواية.