قائمة المنشورات
صدر حديثا
أقوال الصحف
د. عائشة عباس نتو , 11 Nov 2015 10:11
سعادته... السيد الوزير
سعادته... السيد الوزير

أعتبر القراءة معايشة لحياة أخرى، لذلك فإنني أختار الروايات التي أقرأها، وقليلة هي الروايات التي قرأتها بدون الاهتمام بكاتبها، بعض الروايات تسحرني والبعض الآخر أفقد متعة القراءة بعد عدة صفحات، بحيث سرعان ما تتحول القراءة إلى شعور تراجيدي مرتبط بعملية كتابة الرواية بحد ذاتها، سأختار لزاويتي هذه الرواية التي قرأتها وعزلتني طوال إجازتي الأسبوعية، فنسيت عالمي وانخرطت في عالمها، إنها رواية "سعادته.. السيد الوزير" إصدار دار الجنوب 2011، هذه الرواية هي للدكتور "حسين الواد"، فقد قرأتها كما لو أنني لم أقرأ رواية من قبل.

في اعتقادي أنها قطعة فنية رائعة، وفي نفس الوقت خزينة ذكريات أليمة من عالمنا العربي.. لقد شعرت أثناء قراءتها بعظمة القراءة ذاتها، وجعلتني حروفها وكأنني أقف -أنا نفسي- على حافة منحدر رهيب مما نعيشه في عالمنا العربي، لقد غار قلبي في جنبات صدري فأصبحت ألهث وأنا أسابق الكلمات، شخصيات الرواية تعيش بيننا أحداثها محفورة بعمق في عالمنا، عالمها أسود يلتهم آمالنا وأفراحنا مملوء بالثقوب تمتد أحداثه كخيوط العنكبوت، يشعر القارئ بضبابية الشخصيات التي تثير الشفقة في حياتنا، وتشعر وأنت تقرأ عنهم أنهم بؤساء فقدوا الإحساس بالحياة وفقدوا طعمها، ولهثوا أمام أطماعهم، وأن هؤلاء الجهابذة موجودون ليس فقط في الرواية، بل يعيشون بيننا يتشدقون بعنجهية الخبير ببواطن الأمور، بينما هم عكس ذلك تمامًا، تراهم في عالم الاقتصاد والتخطيط والتعليم والصحة كما في عالم الفلك والسياسة، ليس هذا فحسب، بل ترى كل واحد فيهم ينشر خشبه على طريقته وهواه، لم يحبس كاتب الرواية الدكتور "الواد" نفسه في أسوار العمل الأكاديمي الجامد، بل تغلغل في مشاعرنا وهمومنا التي إن وصفتها فإنني أقول كأنها بحّار لا يملك شراعًا فيبحر بقلبه الممزق، لقد أحسست برغبة للصراخ بعد أن انتهيت من قراءة الرواية، ولكن لجمت صرختي وحزني وتساءلت: هل بمقدور الفكر أن يمد جسوره إلى الضفة الأخرى؟!. 

 

المصدر : المدينة