قائمة المنشورات
صدر حديثا
أقوال الصحف
علاء داوود كاتب وصحفي من مخيم الدهيشة، فلسطين , 18 Feb 2015 12:45
فلسطين تكتب عن كوزكي
الفهم أن لا تفهم
كأنّكَ تبدأ خُطواتِك سالكا أحدىْ طرفيّ مُفترق ما. لا تدري أن كلاهما سيلتقيان بعد بُرهة. ما أن تُمعِن في التوغل حتى تصل الى رأس كرة أرضية مسطحة، مفادها مكائد اللغة التي « تتنفس وتعرق من جلد من سوّاها »، تلال وجبال ينصبها بن بريك في أزقة سيمفونيته الأدبية. عليك استحضار مخزون الذاكرة برمته لتبدأ من ساحة معركة صغيرة تقود جيشاها « مهريّة »، وصولا الى قضبان الأمنيات في سجن فولاذي نكِد، بل أقل ما أمكن منها إن وجدت، « مهريّة » تلك التي ستذيقك ما لم تحسب له حسابا – ما الفرق حسبت أم لم تفعل فالسؤال حاد السطوة- وستتلذذ بعذاباتك أو لعل عذابا لذيذا سيتمكن منك أبيت أم لم تأبى. منذ ان وضعت قدمي في ملتقى الطرفين لم أكن أدري بأني سأغدو رحّالة بحقّ بين الكمائن المتقنة، يعرف صخور كل ما مر به همّام في مقطوعة بن بريك الأدبية العذبة، يجبرك على مرافقته طواعية، لم أكن أملك في ذهني – وأنا الذي لم أطأ تلك الأرض جغرافيا – إلا القليل مما تيسر عنها، نص يتشبث بك حتى لا تكاد تنفصل عن أوردته الحارة والجنون يتربصك فيما تبقى. يشدّك وتشتد أعمِدة الدخان من سجائرك المتناثرة على أطراف المنفضة. لا شيء فيها سوى الرماد. تتنقل عبر خارطة متخمة بالتاريخ والجغرافيا بسرعة كوزكي المفعمة. تحرق الأسفلت مع عجلاتها. يأخذك بعيدا عن « عمّار » لتختلف معه ولا تأخذ الطأطاة سبيلا للحياة وأن تستبدل عظامك إن تراخت يوما ويجرّك جرّا لتلتصق بقلب « محمد علي » حيث لا بديل عن معرفة ما لا نحب كي لا نفعل، بل ونستعيد الاستشاطة مرارا وتكرارا الى المبتغى، فلا تُصغ الى ما سبق واحتضر. « أوليس الانتظار احتضارا »؟ كرة أرضية مسطحة يدير اكتناز من مرّوا على خرائطها الصماء قبل ارتدائها معطف الجدلية. يخيط لك معطفا من لهجة خضراء حينا ويلبسك جمال روح اللهجة في طريقك حفاظا على تاريخ فَجّرَ ضيق الوقت أمعاءَ من خطّوا ما استطاعوا اليه سبيلا، من « لعمة » طاطاوين وصولا الى « اللاطاد »، « من لم يكن له معلم فإمامه الشيطان ». سنخط ولن نلتزم بالسطر المنضبط، التمرد سمة القيامة، والطأطأة « (ط×ط) »، لا تليق بزمن اشتعال الدم الأحمر. توفيق بن بريك، بالرغم من أني قرأت نصّا لم أعتدْه، وتعثرت أحيانا كثيرة، إلا أنك أجبرتني على صمود قلّ نظيره في إنهاء « لوحك »، بلا التزام لقواعد الوقت والسؤال والفهم، وقوفا للأيادي التي تتكلم، لا جدوى أن تسأل كيف « يسوق القلم اللفظ ويرصع المكتوب »، لا حل للمسألة فالفهم أن لا تفهم
المصدر : tunisie-telegraph